المُقدم: مرحبًا بالجميع، تستمعون الآن إلى البودكاست الخاص بمركز كوشناخت، نلتقي في هذا الصباح مع دين جوستار مدير العمليات السريرية الأكبر بالمركز. نحن نُعد من الرواد في مجال رعاية الصحة النفسية، وننتهز هذه الفرصة لطرح الأسئلة المتعلقة بزيادة معدلات إدمان الكحول المرتبطة بتفشي وباء كورونا العالمي. صباح الخير سيد جوستار.
دين جوستار: صباح الخير.
المُقدم: أول سؤال لدينا هذا الصباح هو أن عدد الأشخاص الذين يتناولون الخمر والكحوليات بمعدلات مرتفعة تدق ناقوس الخطر، والتي تضاعفت بالولايات المتحدة الأمريكية إلى ما يُقارب 8.5 مليون شخصًا منذ فبراير الماضي، ذلك وفقًا لما أعلنته الكلية الملكية للأطباء النفسيين، مما يجعلنا نتساءل عن هل تواجه هذه البلاد أزمة إدمان حقيقية تلوح بالأفق ناتجة عن تحول الملايين لمدمنين على الكحول كوسيلة للتعامل مع الضغوط الناتجة عن الوباء، هل تعد هذه الأرقام في رأيك مثيرة للدهشة حقًا؟
دين جوستار: لا، هذا ليس مفاجئًا بالنسبة لي، اعتقد أن الضغوط الشديدة الواقعة على الأفراد والمجتمعات ككل جراء الجائحة أدت إلى زيادة معاناة الأشخاص من حالات القلق والاكتئاب وارتفاع مستويات التوتر، تلك العوامل مجتمعة من الطبيعي أن تؤدي إلى زيادة استهلاك الكحول.
وقد أفادت بعض الأوراق البحثية الصادرة عن الكلية الملكية للأطباء النفسيين بوجود صلة قوية بين الضغوط النفسية ومعدلات استهلاك الكحول، بناءً على ذلك ليس غريبًا أن يكون التوتر الحاد والضغوط المالية التي يشهدها الناس دافعًا لاتجاههم إلى تناول الكحوليات؛ إذ أنهم يستخدمونها كوسيلة للتكيف مع تلك الأوضاع.
المُقدم: صحيح، لكن ما العلامات أو الأعراض التي يجب على أفراد الأسرة والأصدقاء الانتباه إليها لاكتشاف إدمان الكحول؟
دين جوستار: دعنا نُقسم هذه العلامات إلى مجموعتين منفصلتين، سوف أتحدث في البداية عن العلامات المحذرة إذا كان الشخص يشرب الكثير من الكحوليات، ثم بعض العلامات المشيرة إلى الاعتماد الكامل على الكحول. إذا كان الشخص يشرب الكثير من الكحوليات، فعلى الأرجح سيعاني من آثار الثمالة في الصباح، وهذا أمر يمكن ملاحظته.
على الأرجح سيشرب تقريبًا بشكل يومي، وأحيانًا سيشرب أكثر من القدر الذي يعتزم شربه من البداية. قد يبدأ الشعور بالإعياء قليلًا نتيجة استهلاك الكحول. يمكن لاحقًا المعاناة من فجوات في الذاكرة أو نقص في المعرفة، يمكن للشخص البدء في تناول الكحول بمفرده وتلك علامة مؤكدة على وجود شيء ما ليس على ما يرام. أضف إلى ذلك البدء في إهمال المسؤوليات المختلفة، أي التوقف عن فعل الأشياء المفضلة والتي كانت فيما مضى تمنحه المتعة في الحياة، قد تظهر عليه بعض أعراض الانسحاب المزعجة إذا قضى يومًا دون كحول، تلك هي الأعراض العامة والرئيسية التي يمكن ملاحظتها لمعرفة أن الشخص يتناول الكحول بمعدلات أكثر مما ينبغي.
ننتقل الآن إلى علامات إدمان الكحول الفعلية، رغم أنها متشابهة بقدر كبير إلا أنها تكون أكثر سرعة، لذا يمكن توقع الفقدان التام للسيطرة على معدلات تناول الكحول، لذا سيتناول الشخص الكحوليات كل يوم بمعدلات استهلاك تفوق ما ينتويه. سيطرأ تغيير واضح على سلوكه، فقد يميل إلى القيام بتصرفات أكثر خطورة أو عدوانية؛ عندما أقول خطورة فأنا أعني الكلمة وأقصد الإقدام على تصرفات قد يكون لها تأثير على سلامتهم أو سلامة أسرتهم. سيبدأ في إهمال مظهره الشخصي، أي يصبح غير نظيف بعض الشيء نتيجة إهمال النظافة الشخصية.
سيفرط في تناول الكحول بشكل تدريجي،وفي حالة أنه لم يتمكن من تناول الكحوليات ستظهر عليه أعراض الانسحاب التي ستكون في تلك الحالة بالغة الشدة. قد تشمل تلك الأعراض التعرق والرعشة والغثيان وفقدان الشهية، وصولًا إلى الأعراض الانسحابية الأخرى الأشد خطورة وقسوة. رغم كل تلك العواقب السلبية التي تحيط به سيتمادى في تناول الكحول، تعد هذه أعراض واضحة وعلامات مؤكدة على وقوع الشخص في فخ إدمان الكحول.
المُقدم: جيد جدًا، هذا في الواقع شيء يجب أن نراقبه بالتأكيد، لكن دعنا نتعرف على ما هي الاستراتيجيات التي تعتقد أن على الأفراد إتباعها لمنع أنفسهم من الوصول لتلك المرحلة والوقوع في فخ إدمان الكحول؟
دين جوستار: توجد بعض الاستراتيجيات التي أثبتت التجربة العملية جدواها في السيطرة على كمية المشروبات الكحولية و احتسائها باعتدال لتجنب الوقوع في فخ إدمان الكحول. تعتبر الاستراتيجيات بسيطة للغاية. تعد أبسط الأشياء التي يمكن للأشخاص القيام بها لتغيير أي سلوك هي تدوينه. ستتمكن بهذا من الاحتفاظ بمدونة شرب بالتواريخ والمرات وكميات الكحول المستهلكة. هذه استراتيجية جيدة للغاية لتسجيل الكميات المستهلكة وبالتبعية القدرة على قياس أو تقدير المخاطر. بالإضافة أنه عند البدء في تسجيل شيء والبدء في ملاحظة الأنماط، ستبدأ فورًا في تعديل الوضع.
أود أن اقترح هنا تخصيص يومين أو ثلاثة أيام أسبوعيًا تكون خالية تمامًا من الكحول، فالأشخاص المدمنون يتناولون الكحول بشكل يومي. بالتالي، إذا منحت نفسك يومين أو ثلاثة بدون كحول سيكون أمرًا جيدًا، الهدف منه هو أن يكون وسيلة للتخفيف أو الحد من معدلات الاعتماد على تلك المشروبات. الأمر الآخر الذي يمكن القيام به هو أن يحدد الشخص لنفسه بعض الأهداف المتعلقة باستهلاك الكحول، يمكن أن يخبر عائلته بذلك ليتلقى الدعم المطلوب منهم، بجانب السماح لهم بتحذيره إذا رأوا ابتعاده عن تلك الأهداف.
يمكن التفكير في مستوى تركيز الكحول بالمشروبات التي يتم تناولها أيضًا، فإن كان الشخص يتناول مشروبات ذات محتوى عالي من الكحول مثل الويسكي أو الفودكا، يمكن الانتقال بدلًا من ذلك إلى النبيذ والمشروبات الروحية. يُضاف إلى كل ذلك الحرص على اتباع نمط حياة صحي مثل تناول الطعام الصحي بشكل منتظم، تناول كميات مناسبة من الماء يوميًا للحفاظ على ترطيب الجسم.
قد تتمكن من إدراك الوضع بشكل أفضل إذا احتفظت بمدونة الشرب. فقد تمنحك مؤشر ما حول ما يحدث. بمجرد فهمك وإدراكك لمحفزاتك، سيكون من الجيد تطوير بعض استراتيجيات التأقلم. جرب ممارسة الرياضة. الرياضة مضاد جيد للاكتئاب، وفي أوقات الشعور بالضغط والتوتر والاكتئاب، ربما ستساعدك ممارسة الرياضة في الحفاظ على توازنك وتركيزك على العناية بنفسك. وبالتأكيد لها تأثير إيجابي على المخ، مما يساعد على التأقلم بشكل أفضل مع الحياة إذا امتلكت نظام رياضي جيد.
وأخيرًا أود أن أذكر في تلك النقطة أنه يرتبط بشكل مباشر بوباء كورونا، هو ضرورة الحرص على تقليل متابعة الأخبار الحالية، حيث أنها تعد مسببًا رئيسيًا للتوتر والقلق نظرًا لتحدثها المستمر عن مدى سوء الوضع. يتحدثون دومًا عن التكلفة الاقتصادية التي نتجت عن وباء كورونا، يتحدثون عن الموجات الثانية للوباء. حلقة مفرغة على كل القنوات. وأنت تعلم أن هذا واقع التغطية الإعلامية لأي حدث؛ نادرًا ما يُقدم لك قصص الأخبار الجيدة لأنها لا تؤدي لزيادة مبيعات الصحف ونسب المشاهدة.
تتسبب متابعة مثل هذه الأخبار على مدار اليوم في زيادة حدة الاكتئاب والقلق. وأنا لا أقول هنا الامتناع التام والكامل عن مشاهدة الأخبار، لكن يمكن الاكتفاء ببرنامج إخباري واحد باليوم. ما سبق كان مجموعة الاستراتيجيات الموصى بها للمساعدة في التحكم في كميات الكحول خلال الفترات العصيبة.
المُقدم: شكرًا جزيلًا لك، هذه استراتيجات فعلًا يسهل اتباعها، لكن مازلنا نتوقع ارتفاع الأرقام في ظل هذه الضغوط، وفي ظل فقدان الكثير من الأشخاص لوظائفهم بسبب الموجات المتلاحقة للفيروس، أليس كذلك؟ فما نوع العلاج الذي تنصح به أولئك الذين يعانون من تبعات إدمان الكحول؟
دين جوستار: حسنًا، بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون فعليًا من إدمان الكحول فيتعين عليهم تغيير سلوكياتهم المتعلقة بالكحول. يُنصح بأن تكون إدارة انسحاب هذا النوع من السموم تحت إشراف طبي متخصص. إذا كانت غايتهم إيقاف تناول الكحوليات تمامًا فسوف اقترح عليهم شكلًا من أشكال العلاج السكني. قد يكون هذا صعب التحقيق بالوقت الحالي بالنسبة للبعض، لذا يجب أن أضع هذا بالاعتبار وأعطي بعض الاقتراحات الأخرى.
يمكن لهؤلاء الأشخاص تلقي الرعاية عبر الإنترنت، تلك خدمة يقدمها عدد كبير من المستشارين ومراكز علاج إدمان الكحول منذ بداية الوباء في فبراير. يُضاف إلى ذلك أن العديد من المراكز العلاجية قد تم فتحها في جميع أنحاء أوروبا، بناءً على ذلك يمكن اللجوء إليها للحصول على رعاية صحية متكاملة ومكثفة.
ظل مركز كوشناخت والعديد من المراكز العلاجية أيضًا مفتوحًا واستمر في استقبال العملاء، لكن إذا كان المرضى لا يشعرون بالارتياح لترك بلادهم فيمكنهم طلب الخدمات عبر الإنترنت. لهذا يقدم مركز كوشناخت مجموعات مساعدة متبادلة عبر الإنترنت، استشارات فردية عبر الإنترنت، حيث يمكن تلقي هذه الخدمات وهم في مجتمعاتهم المحلية، لمساعدتهم في المراحل الأولية. بالتأكيد إذا كانوا يفكرون في التوقف عن الشرب، فهم بحاجة إلى بعض الإشراف الطبي.
المُقدم: جيد، هنا ننهي لقاء اليوم، شكرًا جزيلًا على أفكارك واقتراحاتك. نحن في مركز كوشناخت باعتبارنا رواد عالميين في خدمات الرعاية المبتكرة، كان علينا التطرق إلى تلك المشكلة التي نرى أنها تتفاقم في ظل أزمة وباء كورونا العالمي. كان هذا هو الدور الذي قمت به اليوم، حيث حاولنا تقديم ما يمكن اقتراحه من علاجات، بينما نتبع داخل المصحة نهجًا متفردًا يستهدف معالجة الآثار الجسمانية والنفسية على السواء، شكرًا لك مرة أخرى.
دين جوستار: شكرًا لك.