١٠.١١.٢٠٢٣ - الصحة النفسية

دعوة للتغيير

Cover blog v2

هل حاولت يومًا أن تغير من سلوكك؟ هل قمت باتخاذ قرارات للسنة الجديدة بالذهاب إلى الصالة الرياضية (الجيم) بمعدل أكبر، أو بالتوقف عن التدخين، أو التقليل من استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي؟ إذا كانت إجابتك "نعم" على أحد هذه الأسئلة، فمن المحتمل أنك تعلم أنه ليس من السهل تغيير سلوكك فجأة. في البداية، قد يكون من السهل نسبيًا الالتزام بروتين جديد، حيث لا تزال دوافعك قائمة في ذهنك لتحقيق تغيير إيجابي، لكن بعد مرور بعض الوقت، يواجه معظم الأشخاص الصعوبة في الاستمرار في ذلك، حيث ينزلقون ببطء إلى أنماط سلوكهم القديم.

إذا كان من الصعب بالفعل على البالغين الأصحاء تغيير سلوكياتهم، فكم يكون من الصعب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات إساءة استخدام المواد أن يغيروا من سلوكهم، حيث ينظرون إلى استخدام المواد عادةً على أنها الطريقة الوحيدة لتخفيف معاناتهم النفسية. ولجعل الأمور أكثر تعقيدًا، قد يكون هناك اعتماد جسدي ونفسي يحتاج إلى مقاومة في المقام الأول.

إدمان المواد - الأسباب الأساسية

يستخدم الأشخاص المواد المخدرة لوظيفة معينة، يمكنك القول إن استهلاك الكحول والمخدرات هو طريقة تكيفية غير فعّالة للتعامل مع مشاعر أساسية غير سارة ناتجة عن الاكتئاب أو القلق أو الصدمة، على سبيل المثال.

لا أحد يختار الإدمان، فهو ببساطة عملية سلوكية تتطور مع مرور الوقت، ويمكن أن يكون بأشكال متعددة. في بعض الحالات، قد لا تتأثر قدرة الشخص على الحياة بشكل طبيعي بشكل كبير، بينما في حالات أخرى، يمكن أن يحدث انهيار سريع بما يكفي ليؤثر على حياة الشخص على مستويات عدة حتى يبدو كل شيء مظلمًا. ومع ذلك، في كلتا الحالتين، يكون من الصعب جدًا رؤية شخص عزيز يعاني من الضعف والشعور بالعجز.

من المحتمل أن تتأثر البيئة بالاستخدام الخاطئ للمواد بشكل أسرع بكثير من الفرد، وتقابل نداءات طلب المساعدة بالمقاومة والإنكار، مما يزيد الشعور بالإحباط.

من الصعب محاولة تحفيز شخص على البحث عن المساعدة إذا كان يعتقد أنه لا يوجد شيء خاطئ فيما يفعله، وعلى الرغم من صحة أنه لا يمكنك فرض تغيير على شخص ما، إلا أن لديك القدرة على زرع بذور التغيير. دع هذا المدونة تساعدك في النظر إلى السلوك بشكل مختلف كخطوة أولى في بدء التغيير.

السلوك الإدماني: وجهة نظر سلوكية (مختلفة)

قد يكون تحليل السلوك الوظيفي وسيلة مفيدة للنظر إلى الأسلوب السلوكي أو إساءة استخدام المواد إلى جانب فهم السلوك البشري على مستوى مختلف. يُعد تحليل السلوك الوظيفي (FBA) طريقة مُقبولة على نطاق واسع في علم نفس الأطفال يتم فيها تحليل المواقف الصعبة وتصنيفها إلى ما قبل الحدث(A)، والسلوك (B)، والنتائج(C)، بمعنى آخر، ما حدث من قبل، وما الذي فعله الشخص، وما آثار هذا السلوك، وبهذه الطريقة، يمكنك تحديد المواقف التي قد تكون محفزة بشكل محتمل، والتفكير في السلوك المحتمل، وتوجيه الشخص نحو وسائل أكثر فعالية للتنظيم.

قد تجادل الآن بأن تحليلات ABC لها بالفعل دورًا في منع الانتكاس، وستكون على حق تمامًا في ذلك، إذ يلعب التعرف على المثيرات دورًا كبيرًا في هذا النوع من العلاج. لكن المثير للاهتمام أن لهذا النموذج إمكانات أكثر من ذلك عن طريق ربطه بوظيفة ما. وفقا لعلماء النفس السلوكي، فإن السلوك البشري يخدم واحدة (أو أكثر) من الوظائف التالية: الهروب، والانتباه، والمتغيرات، والسلوكيات الحسية.

فيما يلي نظرة عامة على ما تستلزمه هذه الوظائف، مرتبطة بأمثلة لكيفية ظهور ذلك بالنسبة لشخص يعاني من اضطراب تعاطي المخدرات. قد لا تكون السلوكيات المستخدمة في هذا المثال مرتبطة دائمًا بشكل مباشر بتعاطي الكحول أو المخدرات، ولكنها قد تكون مرتبطة بشكل ما.

الهروب: يعد الهروب من السلوكيات التي تحدث لمحاولة تجنب شيء غير مريح، أو تأخيره، أو إنهائه (على سبيل المثال، شرب الكحوليات قبل مناقشة عرض تقديمي لتهدئة الأعصاب، أو عدم الرد على الهاتف عندما يتصل شخص ما).

الاهتمام: يعد الاهتمام من السلوكيات التي تسعى إلى استجابة من شخص ما. في اضطرابات استخدام المواد، يمكن أن يظهر هذا السلوك في شكل تلاعب (على سبيل المثال، الكذب عن أحداث معينة لإيجاد عذر للشرب يؤيده الآخرين).

المتغيرات: وهي السلوكيات التي تعبر عن محاولة الحصول على شيء ملموس (على سبيل المثال، التسول للحصول على المال (لشراء الكحول أو المخدرات)، المشاركة في لقاءات عابرة في الحانة للحصول على مشروبات مجانية، المشاركة في سلوكيات جنسية (ذات مخاطرة عالية)).

السلوكيات الحسية: وهي السلوكيات التي تجعلنا نشعر بالارتياح (تجاه أنفسنا) أو تستبدل الاستياء (على سبيل المثال، الشرب لتخدير أو التعامل مع الألم (العقلي أو الجسدي)).

لماذا من المهم فهم وظيفة السلوك؟

فهم سبب سلوك شخص ما قد يزيد من فهمك لكيفية عمل وحش الإدمان، سيساعدك ذلك في التأكد أن الشخص وسلوكه ليسوا نفس الشيء، صحيح أنه قد ترى الكحول أو المخدرات أو المقامرة، وجميع العوامل المرتبطة بها، ولكن سوف تعرف أن هناك معاناة تكمن بداخل ذلك.

وعلى الرغم من أن تحليل السلوك الوظيفي يركز على الحاضر، إلا أنه قد يمنحك لمحة عن الاحتياجات التي لم تُلبَ، أو الألم، أو الصدمة، أو الخوف، أو على الأقل يفتح نافذة صغيرة لاستكشاف هذا الجانب بشكل أعمق. عندما يكون الفرد جاهزًا للخضوع للعلاج والمشاركة في الجلسات الخاصة بالوقاية من إعادة الوقوع في التعاطي مع أخصائي نفسي، قد يبدأ في استكشاف هذه التجارب والتحديات في مساحة آمنة.

أظن أننا جميعًا ندرك أن إساءة استخدام المواد لا تؤثر فقط على حياة الشخص بمفرده، فالعيش مع شخص يحارب الكحول، أو الكوكايين، أو غيرها من المخدرات أمر صعب في حد ذاته وأيضًا صعب التعامل معه. يبذل معظمنا قصارى جهده لمساعدة ودعم الأحباء، من خلق بيئة هادئة ومستقرة و/أو تقديم المساعدة في الحياة اليومية، ومع ذلك، يمكن أن نكون أيضًا معرضين بشكل غير مقصود لإساءة استخدام الكحول أو المخدرات. يمكن أن يساعد تحديد المواقف عالية الخطر وعوامل الخطر الأخرى، ليس فقط في تحديد أو اكتشاف العوامل النمطية التي تلعب دورًا في حدوث ذلك، ولكن أيضًا الوقت المناسب لتحديد حدود صحية بينك وبين من يتعاطى المواد. قد يعلمنا ذلك أن نفكر في خطوة إلى الوراء أو أن نضع صحتنا النفسية في المقام الأول، العناية بنفسك يجب أن تكون أولويتك دائمًا، ولكن ربما تجعلها أكثر أهمية عندما تكون علاقتك مع المتعاطي تحت ضغط شديد.


كيفية إحداث حوار التغيير؟

لنكن مباشرين ونركز على ما كنت ربما ترغب في معرفته طوال هذا الوقت، كيف يمكنك تحفيز شخص ما وتشجيعه على التفكير بغرض التغيير، والبحث عن الدعم، وتقبل العلاج؟ إجابتي ستكون: من خلال مهارات الاستماع الفعّال، والتساؤل بطريقة لطيفة، ومشاركة تجاربك من مكان مليء بالحب والرعاية والتعاطف، قد يبدو ذلك سهلاً، ولكن الاستماع الفعّال، والبقاء هادئًا والتأمل في الوقت نفسه فن مميز، فالأمر ليس مجرد سماع ما يقال، ولكن أيضًا ما لم يتم قوله.

إن الاستماع يعبر عن فهم المحتوى والسياق، مع التأكد من الفهم الكامل عما يجب أن يكون ذلك بالنسبة للشخص الآخر. بعبارة أخرى، كيف سيكون الأمر إذا كنت في موقفه، فمن المرجح أن يثير ذلك بعض الأحاسيس غير المريحة في نفسك، والتصدي للدفاع، ومع ذلك، حاول أن يكون عقلك مفتوح لكل ما تسمع.

اقامة علاجية فاخرة لعلاج الصحة النفسية العلاج في سويسرا

البداية

يمكنك بدء المحادثة بطرح الأسئلة التالية:

أشعر بقلق بشأن استخدامك للكحول/المخدرات، ولدي الإحساس بأنك تجد صعوبة في الابتعاد عنها، وأشعر بالقلق بشأن تأثيرها السلبي على حياتك و(صحتك النفسية) كيف تشعر حيال ذلك؟

قد يكون من الصعب على الشخص الذي تحبه سماع ذلك، وقد يلقى قلقك رفضًا أو مقاومة. يمكن أن تكون إحدى طرق الرد هي القول إنك تسمع ما يقوله، ولكنك لاحظت بعض الأشياء التي تثير قلقك.

قد يكون توجيه الشخص الذي تحبه نحو التناقض الداخلي هو الخطوة الأولى نحو الامتناع، ولا تنسى أن التناقض يعد خطوة أولية ضرورية لتحقيق التغيير في المرة الأولى، مما يسمح بوجود إمكانية الامتناع عن المواد والتعافي من إدمانها.

يمكن أن تكون الوصول إلى مشاعر الأمل أو الإيمان خطوة ضخمة إلى الأمام، وقد تزيد التوقعات الإيجابية من مشاعر الكفاءة الذاتية أيضًا، وأن تكون لديك نظرة عامة عن أمثلة أو مواقف يمكن أن توجهك عندما تكون جاهزًا لبدء حديث التغيير.

عند مشاركة مراقباتك ومشاعرك تجاه للمواقف عالية الخطورة، استخدم رسائل الـ "أنا" وحاول تجنب اللوم أو الإحراج للشخص الذي تحبه، وتأكد من أنه يعلم أن قلقك ينبع من حبك واهتمامك به. إذا تبين أنه من الصعب تتبع أو فهم طريقة تفكير الشخص الآخر، قد تكون هناك فائدة في طرح أسئلة توضيحية، ومن المفضل تجنب الأسئلة القيادية، لذلك حاول أن تبقي الأسئلة مفتوحة، تذكر عند صياغة سؤالك أن تبدأ سؤالك بـ: " من، ما، أين، لماذا، متى، كيف"



المقابلة التحفيزية

كتب رولنيك وميلر (2013) كتابًا رائعًا بعنوان "المقابلة التحفيزية: مساعدة الأشخاص على التغيير". تعتبر تدريبات المقابلة التحفيزية معروفة جيدًا بفعاليتها في إعدادات استعادة اضطراب استخدام المواد. أظهرت الأبحاث مدى قيمة المقابلة التحفيزية في التغلب على التحديات والمقاومة. يمكن للعائلات استخدام مجموعة المهارات بسهولة لتحسين التواصل وزيادة احتمال مساعدة الشخص على التغلب على العقبات التي غالبًا ما تحدث. أحد الأدوات التي سلط عليها الكتاب الضوء (ص 171-173) هو استخدام تقنية DARN، وتعني الرغبة، والقدرة، والأسباب، والاحتياجات. قد يساعدك صياغة أسئلة مفتوحة باستخدام هذه التقنية في تقديم الاستشارات لشخصك العزيز بطريقة محايدة وخالية من الأحكام، مسلطًا الضوء على إساءة استخدام المواد أو التعرض لمواقف خطرة أخرى من زوايا مختلفة. ربما يمكن لأحد الأمثلة أدناه مساعدتك عندما تكون في عملية التحضير للتدخل:

الرغبة: كيف ترغب في تغيير الأمور؟

القدرة: ما هي التغييرات التي تعتقد أنك ستكون قادرًا على إجرائها؟

الأسباب: ما هو السبب في التوقف عن تناول الكحول؟

الاحتياجات: ما مدى أهمية تغيير سلوك استهلاك المخدرات بالنسبة لك؟


حافظ على إيمانك، ولا تفقد الأمل

R

تذكر أن التغيير لا يأتي بسهولة، فحاول أن تكون صبورًا، فالتخلي عن استهلاك المخدرات عملية طويلة، فإذا لم يؤد تدخلك إلى النتيجة المرجوة، فذلك لا يعني أن محاولتك فشلت.

يحدث التقدم ببطء، وقبول الدعم الاجتماعي يتطلب الشجاعة، وفي الوقت نفسه، يعد الاعتناء بالنفس أمرًا هامًا، لذا راقب حالتك العاطفية واعتنِ بنفسك، وتذكر ما يقال في الطائرة: ضع قناع الأكسجين على وجهك أولاً قبل طلب المساعدة من الآخرين.


المرجع

Miller, W. R., & Rollnick, S. (2013). Motivational Interviewing: Preparing People for Change (3rd ed.). New York: Guilford Press.


The link is copied and ready to share!