اضطرابات الأكل حالة خطيرة مرتبطة بسلوكيات الأكل المستمرة التي تؤثر سلبًا على صحتك وعواطفك وقدرتك على ممارسة الحياة بشكل طبيعي. اضطرابات الأكل كثيرة الأنواع أشهرها فقدان الشهية العصبي والشره المرضي واضطراب نهم الطعام.
يركز الشخص الذي يعاني من أحد اضطرابات الأكل بشكل مفرط على الوزن والطعام وشكل الجسم، مما يؤدي إلى سلوكيات غذائية خطيرة، التي يمكن بدورها أن تؤثر بشكل كبير على قدرة الجسم على الحصول على التغذية المناسبة. يمكن لاضطرابات الأكل أن تضر بالقلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم، وتؤدي إلى أمراض أخرى. لكن ما هي أسباب اضطرابات الأكل؟ وما هي طرق العلاج؟
أسباب اضطرابات الأكل البيولوجية والبيئية
تتنوع الأسباب بين أسباب اضطرابات أكل غير نمطية وأسباب نمطية شائعة، أسباب تتعلق بالوراثة والجينات وهي الأسباب البيولوجية، وأسباب أخرى بيئية. وفيما يلي نذكر أهم أسباب وعلاج اضطرابات الأكل.
أسباب جينية
قد تزيد جينات معينة من خطر إصابة الشخص باضطرابات الأكل، فأحيانًا نجد تكرار لظهور اضطرابات الأكل المختلفة عبر أجيال متتالية في نفس العائلة، فإذا تم تشخيص أحد أفراد العائلة بأحد اضطراب الطعام، فمن المرجح أن يصاب بعض أفراد العائلة الآخرين باضطرابات الأكل.
أسباب اجتماعية وثقافية
تعد الأسباب الاجتماعية والثقافية من أهم أسباب اضطرابات الأكل خاصة بين الشباب والمراهقين الذين يعتمدون على التعرف على مقاييس الجمال والشكل المثالي للجسم من السوشيال ميديا.
تلك المقاييس التي أغلبها لا يمت للواقع بأي صلة، والتي تتمثل في أجسام نحيفة وخصر دقيق.
يحاول الشباب فعل المستحيل للوصول إلى ذلك الشكل المثالي الوهمي ويتسابقون إلى حميات غير صحية وأحياناً يمتنعون عن أنواع متعددة من الطعام فقط للوصول إلى هذا الشكل المثالي المزعوم، فتتأثر صحتهم على نحو خطير لافتقاد حمياتهم إلى المغذيات الأساسية للجسم.
أسباب نفسية
لكل شخص سمات أو ميول وأفكار خاصة به، تلك الأفكار يمكن أن ترسخ بعض المخاوف الصحية في عقل الإنسان. في كثير من الأحيان، يساهم دافع الشخص في أن يكون مثاليًا - لتحقيق مستوى تميزه الشخصي- في تطور اضطراب الأكل لديه. يمكن كذلك أن تؤدي التغيرات الكبيرة في حياته مثل دخول الكلية أو الانتقال إلى مدينة جديدة إلى زيادة احتمالية إصابته بأحد اضطرابات الأكل.
توجد بعض السمات الشخصية أيضًا التي يمكن أن يكون أصحابها أكثر عرضة لاضطرابات الأكل عن غيرهم، مثل السعي للكمال، والحساسية الشديدة، وعدم القدرة على تحمل الضغوط والقلق المزمن.
الأنظمة الغذائية
النظام الغذائي هو عامل رئيسي آخر في تطور اضطرابات الأكل خاصة بين المراهقين، فقد أثبتت الدراسات إنفاق شريحة كبيرة من الأشخاص كميات مهولة من الأموال على الأنظمة الغذائية ومنتجات إنقاص الوزن، حتى مع عدم وجود نسب النجاح المرجوة من تلك المنتجات، يستمر الأفراد في استخدامها واتباع سلوكيات شبيهة باضطراب الأكل لإنقاص الوزن.
وبالنسبة للأفراد المعرضين للإصابة باضطرابات الأكل أكثر من غيرهم، فإن اتباع نظام غذائي غير صحي يمكن أن يكون حافزًا لزيادة السلوكيات السيئة والوساوس بالنسبة للأكل، ويمكن أن تؤدي تلك الأنظمة إلى نتائج سلبية تمامًا، وزيادة في الوزن وليس فقدانه.
طرق علاج اضطرابات الأكل
تطورت أساليب علاج اضطرابات الأكل كثيرًا في السنوات الماضية، ذلك لأن تلك الاضطرابات انتشرت بشكل أكبر بكثير مما في السابق، وتتنوع تلك الأساليب بين طرق علاج نفسية وأخرى دوائية وغيرها، وغالبًا ما تشمل خطة العلاج التي يقدمها الطبيب مزيجًا من عدة طرق.
العلاج النفسي لاضطرابات الطعام
العلاج النفسي هو أهم جزء في علاج اضطرابات الأكل، ويشمل عددًا من التقنيات والطرق مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري والعلاج الجماعي.
يعد العلاج السلوكي المعرفي من أشهر العلاجات النفسية في الآونة الأخيرة، فهو يركز على السلوكيات والأفكار والمشاعر المتعلقة باضطراب الأكل، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تساعد على الإفراط في الطعام أو البعد عنه تمامًا.
أما في العلاج الأسري يتعلم أفراد الأسرة مساعدة الشخص الذي يعاني من اضطراب الأكل في استعادة أنماط الأكل الصحية وتحقيق وزن صحي حتى يتمكن صاحب المشكلة من التعامل مع الأمر بنفسه، كما أنه يساهم في توعية أفراد الأسرة بما يمر به الشخص صاحب الاضطراب خاصة إن كان من المراهقين أو الشباب.
أما العلاج الجماعي فيتضمن مقابلة طبيب نفساني أو غيره من متخصصي الصحة النفسية تزامنًا مع عمل حلقات علاجية جماعية مع أشخاص يعانون من نفس نوع الاضطراب ومشاركة تجارب كل منهم.
قد يستمر العلاج النفسي من بضعة أشهر إلى سنوات، ولكن آثاره الإيجابية رائعة وتشمل:
اكتساب سلوكيات الأكل الصحية
التعرف على الأفكار الخاطئة التي تؤدي إلى سلوكيات اضطراب الأكل وتغييرها
الوصول إلى وزن صحي (وليس مثاليًا مزعومًا)
استبدال العادات غير الصحية في الأكل بأخرى صحية
تعلم كيفية متابعة العادات الغذائية مع التقلبات المزاجية التي تصحبها
اكتشاف طرقًا صحية للتعامل مع المواقف العصيبة بدلاً من اللجوء للأكل
التثقيف الغذائي
يساعد أخصائي التغذية في مساعدة الذي يعاني من أحد اضطرابات الأكل على فهم حالته بشكل أفضل ومساعدته في وضع خطة تحقيق عادات الأكل الصحية والحفاظ عليها.
يساعد هذا النوع من العلاج على فهم تأثير نوعية الغذاء والعادات الغذائية على الصحة، ومفهوم مشاكل التغذية والمشاكل الجسدية المترتبة عليها، كما يساعد على معرفة كيفية عمل خطط لوجبات صحية دون حرمان، وتصحيح المشكلات الصحية الناتجة عن سوء التغذية أو السمنة.
العلاج الدوائي
لا يمكن للعلاج الدوائي وحده أن يقضي على اضطرابات الأكل، ولكن يجب دمجه مع أحد تقنيات العلاج النفسي أو التثقيف الغذائي.
وتعد مضادات الاكتئاب الأدوية الأكثر شيوعًا للاستخدام في علاج اضطرابات الأكل التي تنطوي على الإفراط في تناول الطعام أو الإسراف في الأكل، ولكن يمكن وصف أدوية أخرى في بعض الأحيان.
قد يكون تناول مضادات الاكتئاب مفيدًا بشكل خاص إذا كانت الحالة تعاني من الشره المرضي أو اضطراب الأكل النهم. يمكن أن تساعد مضادات الاكتئاب أيضًا في تقليل أعراض الاكتئاب أو القلق المصاحبة لاضطرابات الأكل.
قد يحتاج الشخص أيضًا لتناول بعض الأدوية التي تعالج المشاكل الصحية التي نتجت عن اضطرابات الأكل، سواء بزيادة الوزن المفرطة أو سوء التغذية، لذا من الاجل المتابعة مع طبيب متخصص لهذه الحالات.