٢٢.١٢.٢٠٢٣ - الصحة النفسية

علاج اضطرابات القلق لدى المراهقين

NAVIGATING ANXIETY IN TEENAGERS cover blog

القلق شعور شائع في التجربة الإنسانية، لكن حين يشدد قبضته على المراهقين، يمكن أن تكون عواقبه وخيمة. يمكن أن تكون فترة المراهقة، التي تتميز بالتخبط بين اكتشاف الذات وتوقعات المجتمع، بمثابة متاهة من المشاعر بالنسبة للمراهقين، ويظهر القلق، في هذا السياق المعقد، كقوة هائلة قادرة على تشكيل نسيج تجاربهم.

اضطرابات القلق لدى المراهقين

يعد القلق جزء أساسي من التجربة الإنسانية، حيث يتخذ شكلاً فريدًا ومعقدًا في مرحلة المراهقة. ما يميز قلق المراهقين عن نظيره لدى البالغين هو السياق الفريد للمراهقة، حيث يعاني المراهقون في مهمتهم الكبيرة المتمثلة في اكتشاف الذات، بالإضافة إلى التنقل في العلاقات، والضغوط الدراسية، وغيرها من المشكلات المنتشرة في كل مكان. يمكن أن تكون هذه الضغوط بمثابة محفزات للإصابة باضطرابات القلق، مما يؤدي إلى تفاقم تحديات هذه المرحلة من النمو.

تتميز المراهقة بمراحل تطور في حياة الشخص، تحمل كل مرحلة منها ضغوط مختلفة. فالسعي إلى الاستقلال بالشخصية، وتكوين علاقات مع الأقران، والشعور بالضغط للتوافق مع توقعات المجتمع، يصبح بمثابة بوتقات قد يشتد فيها القلق. الخوف من المجهول والضغوط عند اتخاذ قرارات حياتية حاسمة يمكن أن يسهم في تطور اضطرابات القلق لدى هذه الفئة العمرية الضعيفة.

تشمل اضطرابات القلق عند المراهقين مجموعة متنوعة من حالات الصحة النفسية التي تسبب القلق، والخوف، والتوجس المستمر، والمفرط. يمكن أن تظهر هذه الاضطرابات بأشكال مختلفة وتتراوح ما بين همسات القلق البسيطة إلى نوبات الهلع الشديدة، وغالباً ما تظهر هذه الاضطرابات بين المراهقين، على شكل اضطراب القلق العام (GAD)، واضطراب قلق الانفصال، واضطراب الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، والفوبيا المحددة.

اضطراب القلق العام (GAD)

يعد اضطراب القلق العام شكلاً من أشكال القلق السائد والمستمر في كثير من الأحيان والذي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمراهقين، على عكس المخاوف المعتادة التي يعاني منها الكثيرون خلال هذه المرحلة من النمو، يتميز اضطراب القلق العام بالشعور المفرط بالقلق الذي لا يمكن السيطرة عليه بشأن مجموعة متنوعة من الأحداث والمواقف، وغالباً ما يكون الشعور بالقلق دون سبب محدد.

قد يجد المراهقون المصابون باضطراب القلق العام أنفسهم محاصرين في دائرة من القلق المزمن، ويتوقعون نتائج كارثية حتى في المواقف العادية، كما يمكن أن يكون اضطراب القلق العام مزعجًا بشكل خاص في المجالات الدراسية والاجتماعية، مما يؤثر على الأداء الدراسي والعلاقات الشخصية.

اضطراب قلق الانفصال

يتميز اضطراب قلق الانفصال بالشعور الشديد بالخوف والضيق المحيط باحتمال الانفصال عن الأشخاص المرتبطين بهم أو الابتعاد عن المنزل، وعلى عكس آلام الحنين إلى الوطن العرضية المعتادة لدى الشباب، يتجلى اضطراب قلق الانفصال على شكل شعور بالقلق مبالغ فيه ومستمر يتجاوز حدود الاهتمامات المناسبة من ناحية النمو، وغالباً ما يبذل المراهقون المصابون باضطراب قلق الانفصال قصارى جهدهم لتجنب الانفصال، ويعانون من ألم حقيقي لمجرد التفكير في الانفصال عن أسرهم أو بيئتهم التي يشعرون فيها بالراحة.

يمكن أن يعوق اضطراب قلق الانفصال الأداء اليومي والتقدم الطبيعي نحو الاستقلال الذي يعد ضرورياً خلال سنوات المراهقة.

اضطرابات الهلع

تظهر اضطرابات الهلع كقوة عاصفة في مجال الصحة النفسية للمراهقين، لأنه يلقي بظلاله على عدم القدرة على التوقع والخوف الشديد. يمكن أن يؤدي اضطراب الهلع، الذي يتميز بنوبات مفاجئة من الذعر، إلى التأثير على الحياة اليومية للمراهقين بشكل كبير، كما قد يواجهوا أعراض جسدية شديدة في هذه الحالات، وقد تضم هذه الأعراض تسارع ضربات القلب، وصعوبة التنفس، والرعشة، والشعور الطاغي بكارثة وشيكة.

ما يميز اضطراب الهلع لدى المراهقين هو قدرته على عرقلة سلامتهم العاطفية وأيضاً التأثير على تطورهم في مجالاتهم الاجتماعية والأكاديمية. يمكن أن يؤدي الخوف من نوبات الهلع المستقبلية أيضًا إلى حالة شديدة من القلق، مما يؤدي إلى اتباع سلوكيات التجنب التي تحد من مشاركة المراهق في الأنشطة التي كان يجدها ممتعة في السابق.

رهاب (فوبيا) محدد

الرهاب المحدد هو نوع من اضطرابات القلق بين المراهقين الذي يتميز بالخوف الشديد وغير المنطقي من شيء أو موقف أو نشاط معين. يمكن أن تتراوح هذه المخاوف على نطاق واسع لدى المراهقين، بداية من الخوف من الحيوانات والحشرات إلى الخوف من المرتفعات أو الإبر أو الطيران. ما يميز أنواع الرهاب المحدد عن المخاوف المعتادة هو حجم القلق ومدى تداخله مع الحياة اليومية، الذي يجعل المراهقون يبذلون جهوداً كبيرة لتجنب مواجهة الحافز الذي يخيفهم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في نظامهم وأنشطتهم. عادةً ما تكون استجابة القلق غير متناسبة مع التهديد الفعلي الذي يشكله سبب الرهاب.

الأسباب وعوامل الخطر

تنطوي اضطرابات القلق لدى المراهقين على تفاعل ديناميكي بين العوامل البيولوجية والنفسية والبيئية على خلفية مرحلة نمو أساسية.

يلعب الاستعداد الوراثي دوراً في الإصابة باضطرابات القلق عند المراهقين، حيث قد يكون بعض المراهقين بطبيعتهم أكثر عرضة للقلق بسبب التاريخ العائلي، كما يمكن أن تؤثر التغيرات الهرمونية خلال فترة المراهقة على كيمياء الدماغ، مما قد يساهم في زيادة التفاعل العاطفي. علاوة على ذلك، فإن الضغوطات البيئية، مثل الضغوط الدراسية، والتوقعات الاجتماعية، والديناميكيات الأسرية، تخلق أرضًا خصبة لظهور القلق.

كما يمكن أن تترك الأحداث المؤلمة أيضاً أثراً لا يُمحى على الصحة النفسية للمراهقين، وتشكل طريقة استجاباتهم تجاه الضغوط.

علاوة على ذلك، فإن فترة تكوين الشخصية وإنشاء علاقات مع الأقران خلال هذه المرحلة من العمر يمكن أن تثير شعوراً بالهشاشة والوعي الذاتي، مما يؤدي إلى تفاقم خطر القلق. يشكل التقاء هذه العوامل وسطاً ديناميكياً يمكن يجد فيه القلق مكاناً لدى المراهقين، مما يؤكد الحاجة إلى فهم شامل وتدخلات مستهدفة لتعزيز سلامتهم النفسية.

تلعب الأنماط المعرفية لدى المراهقين، التي لا تزال في طور التكوين، دوراً محورياً في ظهور اضطرابات القلق عند المراهقين، حيث يمكن أن يؤدي التنقل بين المشاعر النفسية والاستجابات العاطفية إلى تشوش في الأفكار، مما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالقلق.

وعلى عكس البالغين الذين ربما تبنوا آليات أكثر نضجاً للتكيف مع البيئة المحيطة، غالباً ما يكون المراهقون في المراحل المبكرة من صقل هذه المهارات، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثير الطاغي لاضطرابات القلق.

إن رحلة اكتشاف الذات في مرحلة المراهقة تزيد من الوعي الذاتي، والذي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في اضطرابات القلق، إذ قد يواجه المراهقون وعياً متزايداً عن كيفية نظر الآخرين إليهم، مما يؤجج نيران القلق الاجتماعي لديهم. يخلق هذا الوعي الذاتي المتزايد، بالإضافة إلى الميل الطبيعي للمقارنة بين الأقران والحاجة إلى الانتماء، أرضاً خصبة لتطور اضطرابات القلق وتفاقمها.

إن التعرف على المظاهر المميزة وفهم الضغوط التي تميز مرحلة المراهقة هي خطوات حاسمة في كشف تعقيدات القلق في سن المراهقة، مما يمهد الطريق للتدخلات المستهدفة وبيئة داعمة للصحة النفسية.

أعراض القلق عند المراهقين

قد يظهر على المراهقين الذين يعانون من اضطرابات القلق مجموعة من الأعراض، بدءاً من المظاهر الجسدية مثل سرعة ضربات القلب وصعوبة التركيز إلى الأعباء المعرفية المتمثلة في الخوف المستمر والقلق المفرط. وتشمل الأعراض الشائعة لاضطرابات القلق عند المراهقين ما يلي:

● الانفعال

● الأرق

● صعوبة في التركيز

● تشوش التفكير

● النوم المتقطع

● توتر وألم العضلات

● آلام المعدة

اقامة علاجية فاخرة لعلاج الصحة النفسية العلاج في سويسرا

طرق علاج اضطرابات القلق: كسر سلاسل القلق

تشمل استراتيجيات العلاج الفعالة لاضطرابات القلق لدى المراهقين نهجاً متعدد الجوانب، حيث أثبت العلاج بالكلام، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي، فعالية كبيرة في مساعدة المراهقين في التعرف على أنماط التفكير التي تساهم في الشعور بالقلق وتغييرها. وتركز الأساليب الأخرى للعلاج، مثل العلاج بالمواجهة، على مواجهة المواقف المخيفة تدريجياً، وتقليل سلوكيات التجنب، واكتشاف سبيل للشعور بالراحة.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

هو نهج علاجي يستخدم على نطاق واسع لمساعدة المراهقين على تحديد أنماط التفكير والسلوكيات السلبية التي تساهم في الإصابة باضطرابات القلق عند المراهقين وتغييرها، كما يمدهم العلاج بآليات للتكيف وتعزيز مهاراتهم لحل المشكلات.

العلاج بالمواجهة

يتضمن هذا العلاج تمارين التنفس العميق واسترخاء العضلات التدريجي،بما في ذلك تمارين التنفس العميق واسترخاء العضلات التدريجي، أن تساعد المراهقين على إدارة القلق من خلال تعليم تقنيات إدارة التوتر ومهارات التأقلم لاستعادة الشعور بالهدوء، مما يساعد في تهيئة المراهقين للتعامل مع التحديات اليومية واستخدام المرونة في مواجهة الضغوطات.

تقنيات اليقظة والاسترخاء

يمكن لتلك التقنيات التي تتضمن، تمارين التنفس العميق واسترخاء العضلات التدريجي، أن تساعد المراهقين على إدارة القلق من خلال تعليم تقنيات إدارة التوتر ومهارات التأقلم لاستعادة الشعور بالهدوء، مما يساعد في تهيئة المراهقين للتعامل مع التحديات اليومية واستخدام المرونة في مواجهة الضغوطات.

العلاج الأسري

يمكن أن يكون مفيداً أيضاً في علاج اضطرابات القلق لدى المرهقين، لأن الديناميكيات العائلية وأنماط التواصل يمكن أن تؤثر على مشاعر المراهقين، لذا يساعد العلاج الأسري على تحسين التفاهم والدعم والتواصل داخل وحدة الأسرة.

يوفر العلاج الجماعي

بيئة داعمة للمراهقين لتبادل الخبرات والتعرف على استراتيجيات التكيف مع الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة، كما يمكنه تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع والمساعدة في تقليل مشاعر العزلة.

برامج التوعية المدرسية ومبادرات التثقيف

تعمل هذه البرامج على إبعاد الوصمة عن قضايا الصحة العقلية وتشجيع التدخل المبكر للمختصين في حالة احتاج المراهق ذلك. إن التعاون مع المدارس لتنفيذ استراتيجيات للحد من القلق، وأنظمة الدعم يمكن أن يساهم بشكل كبير في تعزيز الصحة النفسية للمراهق، وقد تشمل هذه الاستراتيجيات العمل مع المعلمين والمستشارين وموظفي المدرسة

الأدوية المضادة للقلق

في مجال الصحة النفسية على إبعاد الوصمة عن قضايا الصحة العقلية وتشجيع التدخل المبكر للمختصين في حالة احتاج المراهق ذلك. إن التعاون مع المدارس لتنفيذ استراتيجيات للحد من القلق، وأنظمة الدعم يمكن أن يساهم بشكل كبير في تعزيز الصحة النفسية للمراهق، وقد تشمل هذه الاستراتيجيات العمل مع المعلمين والمستشارين وموظفي المدرسة الآخرين.

غالباً ما يكون النهج الشامل والتعاون بين متخصصي الصحة النفسية والمعلمين وأفراد الأسرة هو الطريقة الأكثر فعالية لمعالجة قلق المراهقين.

كما يعد النهج الشامل والتعاطفي ضرورياً للحصول على العلاج والدعم المناسبين، ومن خلال كشف أسباب القلق، يمكننا تمكين المراهقين من التغلب على التحديات التي يواجهونها وبناء أساس لصحة نفسية أفضل في المستقبل، وذلك من خلال التعليم والوعي والالتزام بإبعاد الوصمة عن حالات الصحة النفسية، فإننا نمهد الطريق لبيئات يشعر فيها كل مراهق بأن هناك من يراه ويسمعه ويدعمه.

يقدم المتخصصون في مركز كوشناخت، دعماً فردياً متخصصاً لقضايا الصحة النفسية، بما في ذلك اضطرابات القلق لدى المراهقين. يمكن للمعالجين النفسيين لدينا المساعدة في التعامل مع مشاعر التوتر وتطوير استراتيجيات التكيف لإدارة القلق.

اتصل بنا لمزيد من المعلومات حول كيفية يمكننا المساعدة.

The link is copied and ready to share!